تكريم مجيد مرهون
بقلم أحمد الغانم
من خلال مهرجان البحرين الدولي الثامن للموسيقى (أكتوبر1999) والذي أقيم في بدايات شهر أكتوبر الماضي تم تكريم مجموعة من الكتّاب البحرينيين الذين فازوا في إحدى المسابقات لإصداراتهم المسرحية و بشكل استثنائي كان من بين هؤلاء الكتاب الفنان الموسيقي الكبير مجيد مرهون، لم يكن تكريمه كالآخرين لعمل محدد قام بكتابته أو لموسيقى قام بتأليفها، ولكن جاء تكريمه لعطاءه الفني طوال مشواره في مجاله الموسيقي كونه رائد من رواد حركة التأليف الموسيقي الكلاسيكي في البحرين والمنطقة ..! ، ولكن هل يا ترى هل أنصفنا مجيد بهذا التكريم ؟
لقد أسعدني خبر تكريم مجيد في هذا المهرجان حيث علمت بذلك قبل المهرجان بفترة شهرين تقريباً مما فتح في مخيلتي بعض الوسائل أو الطرق التي يمكن أن يتم تكريم مجيد بها ولقد راودتني هذه الأفكار :
أول ما جال في خاطري هو طباعة إحدى مؤلفات مجيد في مجال نظريات الموسيقى،أو على الأخص( القاموس الموسيقي )، الذي قضى فيه الوقت والجهد الكبيرين لإنجازه وحسب علمي فهو لا يزال يعمل على إستكماله، إن طباعة هذا القاموس ونشره سوف يكون مكسباً ليس لمجيد وحده إنما هو مفخرة لكل بحريني، فكم هو عظيم أن يكون من بيننا شخص يملك كل هذه الكنوز من المعرفة الموسيقية ، خاصةً و أن المكتبة الموسيقية العربية شحيحة في هذا النوع من القواميس التي لن يكون مبالغ فيه إن قلنا أنها أقل من أن تعد على أصابع اليد، لذا فإن مشروع تأليف هذا القاموس لو اكتمل بطباعة ونشره، سوف يكون مكسباً على مستوى الساحة الموسيقية للوطن العربي أجمع .
راودتني طريقة أخرى يمكن تكريم الفنان مجيد بها، وهي إقامة ندوة في إحدى ليالي المهرجان تدور محاورها حول( مجيد مرهون ونتاجاته الموسيقية )، سواءً الموسيقية منها أو النظرية و الأدبية، فلو تم تكليف بعض الموسيقيين البحرينيين فلن يتراجعوا في تقديم بعض البحوث في هذا الخصوص، كما سوف نجد الكثير من الأمور التي تتفتح وتنكشف لنا في ما يملكه هذا الإنسان من إبداعات مدفونة، لتسليط الضوء عليها .
سبيل آخر قد يكون مفيد وذو فاعلية كبيرة للحركة الموسيقية البحرينية ونشرها على المستوى العالمي،وهو طباعة بعض مخطوطاته لبعض الأعمال الموسيقية(النوت)، ونشرها من خلال ليالي المهرجان،وهذا في حذ ذاته سوف يكون له الأثر الكبير لخدمة الحركة الموسيقية في البحرين ونشرها عالمياً خاصة إذا وضعنا في الاعتبار تواجد بعض الفرق الموسيقية من مختلف دول العالم بشكل مستمر في هذا المهرجان،فحصول هذه الفرق على بعض هذه الأعمال سوف يشجعهم على تقديمها في جولاتهم الأخرى في بلدانهم أو في البلدان الأخرى، فكم يا ترى يستحق هذا المكسب؟،كما و يمكن توزيع هذه المطبوعات من خلال دور نشر متخصصة،و بلا شك سوف تكون هذه الخطوة رائدة على مستوى المنطقة .
أما الأمر الآخر والذي أعتقد أنه سوف يكون على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لمجيد كمؤلف موسيقي، هو رغبته في أن تغادر نغماته (القبضان الخمسة الموسيقية) المسطورة على الأوراق التي كتبها عليها، وذلك بتسجيلها ونشرها على الجمهور ليستمع إليها ويسمعها في أي وقت شاء، فلو تم اختيار مجموع من أعماله وتم تسجيلها وطبعها على شريط كاسيت أو إسطوانة موسيقية( CD )،فسوف تكون هذه الخطوة تكريم كبير بالنسبة لمجيد هو في أمس الحاجة إليها، خاصة إذا علمنا إن المادة الموسيقية المسموعة يستطيع تداوله الجميع من المهتمين، دون الحاجة لأن يكون موسيقياً محترفاً أو هاوياً ملماً بأمور القراءة الموسيقية، وهذه الميزة بالطبع لا تتوفر في الوسائط الأخرى إني لا أشك أبدا في أن أحداً من الجمهور البحريني سوف يتراجع عن اقتناء هذا الشريط إن وجد، وما يثبت ذلك التحية الخاصة والحارة والطويلة التي أطلقها هذا الجمهور لمجيد ذات نفسه،دون غيره من المكرمين في تلك الليلة، .. فقد أنصف الجمهور مجيد ... وكم غمرتني السعادة وأنا أرى هذا المشهد أمامي، فطوبى لك يا مجيد.
بعد فترة من الزمن التقيت مجيد حيث سلمني آخر أعماله الموسيقية التي كتبها للفلوت المنفرد تحت اسم( خيالات دلمونية )،حيث وعدني بكتابتها و أوفى بوعده في فترة وجيزة وقياسية كعادته،وهي من السمات التي قلما تجدها في مؤلف موسيقيو هي الغزارة والسرعة في الإنتاج وخلال هذا اللقاء دار بيننا حديث عرفت من خلاله بأن شيءً مما حلمت به تحقق أو بدا كذلك، فقد أخبرني بأن إحدى المؤسسات الثقافية الأجنبية قامت بإجراء الترتيبات اللازمة لطبع مجموعة من أعماله الموسيقية من خلال دار نشر متخصصة،ومن ثم نشرها وتوزيعها مع ضمان حقوقه في الطبع كمؤلف،كذلك سوف تضمن له حقوقه الأدبية و المادية حال عرضها وتقديمها للجمهور .
ترى ألم يكن الأجدر بنا أن نقوم نحن بهذه الخطوة المهمة؟ …لم ينتهي الأمر بعد فهناك الكثير الكثير الذي يمكن أن نقدمه لمجيد كفنان موسيقي رائد بشكل خاص وللحركة الموسيقية في البحرين بشكلٍ عام .
15 ديسمبر1999